لكلٍّ منّا رأي يختلف عن الآخرين وطريقته الخاصة للقيام بالأمور، وبالطبع لا ضير في ذلك! فعلى سبيل المثال؛ قد نختلف فيما بيننا بطريقة ترتيب غرفتنا أو تنظيفها أو طريقة توضيب حاجاتنا في حقيبة المدرسة أو حتى تحضيرنا للطعام. بعض الأشخاص دقيقون جدًا أو أكثر أناقة أو ترتيبًا من غيرهم ويحبون القيام بالأمور على نحو محدد. إنّ هذه التفضيلات بسيطة بالفعل ولا تؤثر على حياتنا نهائيًا. فربما لا نلاحظ بأنّنا نتبع طريقة محددة عند القيام بالأشياء لأننا نراه أمرًا طبيعيًا.

ومع ذلك، في بعض الحالات نجد أنّ لدينا عادات مهووسون بها وتحتل حيزًا كبيرًا من يومنا بل وتؤثر على سير حياتنا اليومية. قد نواجه أفكاراً غير سارة تثير في نفوسنا القلق، وينطوي على ذلك عادة القلق المتكرر على نفس الأمور والتعلّق بمثل هذه الأفكار. وفي بعض الأحيان، تكون هذه الأفكار مشتتة أو شديدة، مثل أن يخطر ببالنا حدوث شيء سيء لشخص نحبه. وعندما نحاول التعامل مع هذه الأفكار، نبدأ بإلزام أنفسنا بفعل شيء ما؛ أي أننا نقوم بافتعال سلوك متكرر نقوم به في محاولتنا لتجاهل الوساوس والهواجس التي تعلق في أذهاننا أو دفعها بعيدًا.

تولّد هذه الأفكار السلبية لدينا شعورًا مُلّحًا بضرورة فعل أشياء محددة، مثل اتباع طقوس لا إرادية ينبغي القيام بها للتخلص من القلق. وعندما لا نتمكن من القيام بهذه الطقوس، تزداد هذه الأفكار القهرية حدةً وتُسبب لنا مزيدًا من الخوف بأنّ ثمّة أمر سيء سيحدث.

 

بعض الأمثلة الأكثر شيوعًا في مثل هذه السلوكيات:

  • التنظيف المتكرر وبكثرة.
  • التفكير بالجمل مرارًا وتكرارًا إلى أن ’نشعر بأنها صحيحة’.
  • القيام بفعل نفس الشيء أو إعادة الكتابة أو القراءة بطريقة معينة عدة مرات.
  • تكرار كلمات أو عبارات معينة إلى حين ذكرها بعدد معين من المرات أو بالطريقة الصحيحة تمامًا.
  • غسل اليدين بكثرة وبطريقة محددة.
  • تفقد أبواب المنزل عدة مرات للتأكد من أنّها مغلقة أو الدخول من الباب والخروج منه عدة مرات متتالية.
  • تفقّد مصابيح المنزل عدة مرات للتأكد من أنها مُطفأة قبل مغادرة المنزل.
  • تفقد الواجب المدرسي عددًا معينًا من المرات للتأكد من أنّه مُنجزٌ كما ينبغي.
  • مضغ كل لقمة عددًا متماثلًا من المرات على الجانبين الأيمن والأيسر.
  • تعداد الأغراض والأشياء للتأكد من أنّها تحمل رقمًا جيدًا وتجنّب الأعداد التي لا تجلب الحظ,
  • وضع الأشياء بترتيب محدد والحرص على أن يكون عددها متساوٍ وترتيبها متناظر.

 

 

بالطبع، يقوم العديد منا بمثل هذه الأمور نتيجة للاعتياد ولا يعني ذلك أن ثمّة خطبٌ ما بالضرورة. فعلى سبيل المثال، إذا غضب منك والداك لأنك نسيت المصباح مُضاءً في غرفتك، فمن الطبيعي أن تتأكد مرتين من أنّك قد أطفأت ضوء المصباح. ولكن، قد يكون ثمة مشكلة في حال أصبحت العادة تستحوذ على تفكيرك وتأخذ وقتًا كبيرًا من يومك بحيث تشعر بأنك لا تعيش حياة طبيعية.

قد تكون الأفكار غير المرغوب بها (الوساوس أو الهواجس) والسلوكات المتكررة (القهرية) مزعجة للغاية، وقد تصل الأمور إلى حد حرمانك من النوم والاسترخاء والاستمتاع بيومك. في مثل هذه الحالة، لا بد من طلب المساعدة من مختص لمعالجة المسألة. إذا كنت غير متيقن من طريقة تفاعلك مع المواقف وردود فعلك، قد يفيدك التحدّث مع شخص ما في استيضاح الأمر.   

 

تحدّث مع شخص راشد تثق به مثل أحد والديك أو أحد أفراد أسرتك أو أحد المعلمين أو مرشد المدرسة أو طبيبك. ينبغي أن تبادر إلى ذلك إذا شعرت بأنّ حياتك اليومية يعكّر صفوها العديد من الأفكار المقلقة والطقوس التي ’يجب’ أن تفعلها.

إذا لاحظت مثل هذه التصرفات لدى أحد أصدقائك أو أقاربك، يمكنك القيام بما يلي لتُظهر لهم بأنّك تهتم بشأنهم:

  • الوقوف بجانبهم: احرص على أن يجدك بجانبه سواء عبر الإنترنت أو شخصيًا على الهاتف، وخطط لأنشطة ممتعة معهم وشاركهم مشاعرك.
  • الإصغاء إليهم: استمع إليهم جيدًا دون مُلهيات وانشغال. وتذكّر، من غير الضروري أن تقدّم لهم إجابات أو مشورة أو حلول، وإنّما يكفي أن تُظهر لهم أنّك تهتم بهم حقًا وتقف إلى جانبهم.
  • التشجيع: اطلب منهم إبلاغ شخص بالغ يثقون به (مثل الوالدين أو أحد أفراد الأسرة أو معلم أو مدرب رياضي وغير ذلك) وطلب العون أو حتى طلب المساعدة من مختص.