جميعنا نمر بأوقات نشعر فيها بالسعادة والفرح والحيوية، وفي أوقات أخرى نشعر بالتعب والحزن أو الإحباط. من الطبيعي أن نمرّ بمثل هذه النغيرات في مزاجنا، وقد تستمر هذه التغيرات لعدة ساعات أو تمتد لعدة أيام أحيانًا. يتأثر مزاجنا بأمور مختلفة من بينها الطقس وفصول السنة والأدوية التي نتناولها وعدد ساعات نومنا والطعام الذي نتناوله والتمارين الرياضية التي نمارسها. اضف غلى ذلك فإن الفتاة يتأثر مزاجها بالدورة الشهرية (الحيض).
نشهد في مرحلة المراهقة تغيرات متسارعة في مزاجنا! ففي هذه المرحلة من حياتنا يبدأ ظهور تأثير الهرمونات وعلامات النضوج على أجسادنا ونصبح أكثر استقلالية، كما تتغير علاقتنا بأصدقائنا. قد نشعر بأنّ مشاعرنا تأخذنا معها في لعبة الأفعوانية؛ فهي في تذبذب دائم.. تنخفض تارة وترتفع تارة أخرى وأنّ الناس من حولنا وخاصة الراشدون لا يفهموننا. إنّ المرور بتقلبات حادّة في المشاعر أمرٌ طبيعي في هذه السنوات من عمرنا. ولكن، لا بد لنا أن نعرف بأنه إذا أصبحت حدة تقلّب المزاج مربكة لنا للغاية، فقد حان الوقت للتحدث عن الأمر مع شخص ما.
إنّ الشعور بالحيوية والمرح والسعادة أمرٌ رائعٌ حقًا! أمّا الشعور بالحزن أو الإحباط لمدة طويلة قد يكون صعبًا! لذا، ربما ترغب بتعلّم أمور تساعدك في السيطرة على ذلك وتجاوزه.
يمكنك القيام ببعض الـأمور التي تساعدك على تحسين
مزاجك والسيطرة على مشاعرك لتصبح بحال أفضل:
تواصل مع أصدقائك وأسرتك، واحرص على البقاء بالقرب منهم وحافظ على تواصلك معهم. لا تخشَ من التحدّث معهم عن مشاعرك. يساعدك الحديث عن شعورك على فهم مشاعرك واستيضاح الأمور، ما يخفف شيئًا من عبئك! أحيانًا، كل ما يلزمك إعادة ترتيب أفكارك وتصفية ذهنك. كما أنّ بعض كلمات المواساة الطيبة من الأشخاص المقرّبين لك تُخفف من حزنك وتمهد لك الطريق نحو الشعور بسعادة أكبر، وهذا يُحدث فرقًا كبيرًا بلا شك!
اسأل نفسك هل يمكن التفكير بالموقف بطريقة مختلفة؟ قد يساعد مجرد الانخراط في التفكير بطريقة مغايرة في تحسين مزاجك ويبعث السكينة في نفسك. كما أنها تحول دون انغماسك في أفكار تبعث فيك الشعور بالحزن والإحباط والغضب والتشتت.
درّب نفسك على التركيز مجددًا على الأمور المهمة التي تدخل السرور في نفسك. فعندما نشعر بالإحباط أو الحزن، نبدأ بالتركيز على الأشياء التي تزيد من حزننا وغيرها من الأحداث الماضية التي تزيد من إحباطنا. وهذا الأمر مرهق عاطفيًا وجسديًا. لذلك، ينبغي أن تدرك بأنّ الوقت قد حان للتوقف قليلًا وتتحدّى نفسك بالتركيز على جميع الأشياء التي تشعر بالرضا تجاهها أو ممتنٌ لها. بالطبع، لن يكون الأمر سهلًا في البداية، ولكن فكّر في الأمر كما لو أنّه تمرين لعقلك. وشيئًا فشيئًا، ستتحسّن قدرتك على التركيز على الأمور الجيدة!
تقلبات المزاج التي تنتابنا من وقت لآخر أمرٌ طبيعي. ولكن، قد نشعر أحيانًا بأنّ تقلبات المزاج أصبحت تتكرر كثيرًا وبحدّة أكبر! عندما نشعر بأنّ مثل هذه التغيرات في مزاجنا بدأت تؤثّر على حياتنا اليومية، ربما يكون هذا مؤشر لحالة أكثر جدية. ربما سمعت عن اضطراب المزاج ثنائي القطب أو قرأت شيئًا عنه أو حتى شاهدت شيئًا عنه في أحد الأفلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي. ولكن لا بأس، فهي حالة يمكن علاجها! ولعلّ من الأمور التي تساعد في العلاج هي اتباع روتين يومي في النوم والطعام والتمارين الرياضية (كما أن الاحتفاظ بدفتر يوميات مفيد!).
هنا لا بدّ أنّ نؤكّد بأنّ هذا لا يعني بأنّ كل من يمرّ بحالة من تقلبات المزاج يمكن تشخيصه باضطراب ثنائي القطب. لذلك، لا تفترض بأنّ تقلبات المزاج التي تنتابك أو يمرّ بها أي شخص تعرفه تعني الإصابة باضطراب ثنائي القطب بالضرورة! وتذكّر بأنّ المختص هو وحده المَعني بالتشخيص.
إذا كنت تمرّ بتقلبات شديدة في المزاج على نحوٍ يؤثر على حياتك اليومية، فاحرص على التحدث عن شعورك مع شخص تثق به. إذا انتابك القلق أو كان لديك أسئلة أو ربما رغبت باستشارة أحد بشأن وضعك، فلا تتردد بالتواصل مع شخص راشد موثوق به؛ ربما يكون أحد أفراد الأسرة أو مرشد المدرسة أو ربما طبيبك.
© حقوق النشر 2022 المجلس الأعلى للأمومة والطفولة. كل الحقوق محفوظة.