تمتلئ الحياة بالتحديات والصعاب؛ غير أنّ الفترة الماضية كانت تنطوي على تحديات تفوّق بكثير ما كان يتوقّعه معظمنا. وقد دفع هذا الأمر العديد من الراشدين إلى مراجعة حياتهم وخياراتهم وإعادة النظر في احتياجاتهم وخططهم. وبالطريقة ذاتها، نغيّر اهتماماتنا وهواياتنا والأمور الأخرى التي نحب فعلها وحتى علاقاتنا. ورغم رغبتنا جميعًا وبلا استثناء بالتنعمّ بالعيش في منزل يضمّ والدينا بهناء وسعادة، لكنه قد لا يكون هذا هو حالنا أو ربما لا يكون الخيار الأفضل لوالدينا أو لنا، حتى لو لم نتمكّن من رؤية ذلك.

 يسعى الوالدان دومًا ويبذلان جهدهما لتحقيق الأفضل لأبنائهم، مهما كان هذا الأمر. وقد يدفعهما هذا أحيانًا إلى اختيار الانفصال أو الطلاق لأنّ كل واحد منهما قد تغيّر ونضج بطريقة مغايرة بحيث لم يعد مناسبًا لشريكه كما كان من قبل. وقد يتمكنان بذلك من الحفاظ على علاقة طيبة بينهما كصديقين والقيام بواجبهما تجاهك كأبوين على نحو أفضل ممّا لو بقيا معًا. ومع أنّ هذا الأمر قد يكون مؤلمًا لك وقد يصعب عليك التأقلم مع الأمر، ينبغي لك أن تدرك بأنّ مثل هذا القرار لا يتعلق بك أو بحبّهم لك أو بالتزامهم تجاهك.

يحتاج الوالدان أحيانًا إلى قضاء بعض الوقت بعيدين عن بعضهما لمراجعة نفسيهما ولتسوية العلاقة التي تربطهما معًا، وهذا ما يُسمى انفصالًا. وقد يكون خطوة صائبة وضرورية تساعدهما في بناء علاقة أقوى بعد قضاء  بعض الوقت بعيدين عن بعضهما، كلٌّ على حِدة.  ولكن، قد يدرك الوالدان أحيانًا أثناء الانفصال بأنّهما غير مناسبين لبعض ولا يمكنهما إسعاد أبنائهما إذا استمرا بالعيش معًا. عندئذ، قد يقرر الوالدان بأنّ الطلاق (الانفصال الدائم بإنهاء الزواج) هو الخيار الأفضل للجميع.

إنّ اتخاذ الوالدين قرارًا بالانفصال أو الطلاق أمر مقلق للأسرة بأسرها؛ فلن يتمكن أفرادها من العيش معًا ثانية وستضطر لتقسيم وقتك بين والديك وقد تضطر أحيانًا إلى تغيير المدرسة التي تذهب إليها أو النادي الرياضي الذي ترتاده.  بالطبع، لم يكن هذا خيارك وستحتاج إلى بعض الوقت حتى تعتاد على هذه  التغيرات.

قد تشعر بالخوف والحزن والتشويش والقلق والغضب والوحدة والارتياح.  كل هذه المشاعر المختلطة في وقتٍ واحد! وهذا طبيعي، لأنّ أي وضع جديد يؤثر على حياتك من جوانب عديدة.

قد تشعر بأنّك:

رغم أنّ مرورك بالمشاعر والأمور  المذكورة أعلاه أمرٌ مفهوم، ولكنك طبعًا لا ترغب بحدوث ذلك. لحُسن الحظ، ثمّة بعض الأمور التي يمكنك فعلها والتي تساعدك على التعامل مع هذه التغيرات والمشاعر، ثمّة خطوات تمكنك من السيطرة على الموقف وتساعدك على التأقلم مع الوضع الأُسري الجديد.

  • ينبغي أن تدرك بأنّ هذا لم يكن خطؤك! فهما لم يتخذا هذا القرار بسببك ولا علاقة له بأي شيء فعلته.
  • إذا تبادرت إلى ذهنك أسئلة من قبيل ما الذي سيتغير؟ وأين ستعيش؟ لا تتردد بطرح الأسئلة على والديك والتحدّث معهما. فكلما حصلت على معلومات أكثر، يمكنك أن تستعد لما هو آتٍ على نحو أفضل.
  • كن صادقًا وتقبّل شعورك؛ حتى لو أحسست بأنّ والديك يتصرفان بغيرة أو غير ودودين معك أو مع بعضهما. وتذكّر بأنّ والديك يمرّان بأوقات صعبة أيضًا، ومع ذلك فهما يقفان بجانبك. اطلب المساعدة أو الاهتمام حين تحتاج إليهما.

ربما يواجه بعض أصدقائك صعوبات تتعلق بانفصال والديهما. قد يصعب عليك الوقوف جانبًا ومشاهدتهم يعانون من انعكاسات هذا الأمر.  لذا، إليك بعض النصائح التي يمكنك اتباعها لمساندتهم والوقوف بجانبهم:

  • الوقوف بجانبهم: احرص على أن يجدوك بجانبهم سواء عبر الإنترنت أو شخصيًا على الهاتف. إنّ قضاء بعض الوقت الممتع معهم يساعدهم على الانشغال عن التفكير في الأمر، وربما يساعدهم أيضاً على إراحة بالهم والاسترخاء. ولا بد من تذكيرهم بأنّ ذلك لن يغير كل شيئ في حياتهم.
  • الإصغاء إليهم: استمع إليهم جيدًا دون انشغال. وتذكّر، من غير الضروري أن تقدّم لهم إجابات أو مشورة أو حلول، وإنّما يكفي أن تُظهر لهم أنّك تهتم بهم حقًا وتقف إلى جانبهم.
  • المشاركة: أخبرهم عن بعض النصائح والأدوات المذكورة أعلاه بشأن عنايتك بنفسك.
  • التشجيع: اطلب منهم إبلاغ شخص راشد يثقون به إذا كانوا بحاجة لمزيد من المساندة. اطلب منهم التواصل مع أحد أفراد الأسرة الذي يثقون به أو أحد المعلمين أو مرشد المدرسة أو المدرب الرياضي أو مؤسسة مختصة.