الانتقال الطوعي

قد يتخذ أهلنا في لحظة ما قرارًا الانتقال إلى مكان جديد. هناك أسباب عديدة قد تدفعهما إلى مثل هذا القرار، مثل الرغبة بالعيش في بيئة جديدة أو منزل جديد أو مدينة جديدة، أو ربما للعمل في وظيفة جديدة.

ويترتب على هذا الأمر تغيرات كثيرة في حياتنا، خاصة إذا كان علينا الانتقال إلى مدرسة جديدة أيضًا. وقد يصعب علينا مجرد التفكير في ترك حياتنا الماضية وراءنا.

ولكن، في حال مررنا بهذا الأمر، ينبغي أن نتذكر دومًا بأن الانتقال قد يقدّم لنا فرصة رائعة لبدء حياة جديدة مع أصدقاء جدد وبدايات جديدة.

الانتقال القسري

يضطر البعض للانتقال من المكان الذي يعيشون فيه فرارًا من العنف أو النزاعات أو الاضطهاد أو الفقر المدقع أو بسبب الافتقار لأساسيات الحياة مثل الطعام أو الماء أو العمل اللائق أو التعليم أو الرعاية الصحية. ينتقلون هربًا من ظروف الحياة المتردية أملًا في العيش ببيئة أكثر ازدهارًا وأمنًا ورغبةً  في اغتنام فرص لمستقبل أفضل.

يثير هذا الانتقال في النفس مخاوف أكبر وشعورًا بانعدام اليقين. قد يضطر الناس أحيانًا إلى الفرار فجأة ودون مقدمات؛ فيُجبرون على حمل أقل قدر ممكن من متاعهم ويمضون في رحلة محفوفة بالمخاطر . وفضلًا عن ترك كل ما اعتادوا عليه خلفهم، فليس لديهم أي فكرة واضحة عن المستقبل الذي ينتظرهم، ولا يعرفون إذا كانوا سيتمكنون من بناء حياة جيدة ومتى سيكون ذلك أو حتى أين! يمكنك أن تتخيّل ما سيتسبب به هذا من خوف وحزن يستمران لمدة طويلة.

وفي حال مررت بتجربة انتقال قسري وكنت تواجه صعوبات مع مشاعرك والتعامل مع كلّ ما تحمله هذه التجربة من صعاب، ينبغي لك أن تتواصل مع شخص راشد ثقة للمشورة.

تتغير حياتنا كثيرًا عندما ننتقل إلى مكان جديد؛ فنحن نترك وراءنا كل شيء؛ أصدقاءنا ومدرستنا والأمور الروتينية اليومية والحي الذي ألفنا العيش فيه. بعبارة أخرى، نغادر منطقة راحتنا ودائرة الأمان! كما يعني هذا أنّ علينا الآن التعرّف إلى وضع جديد كليًا والتأقلم مع البيئة الاجتماعية والعلاقات الجديدة  (سواء مع الأقران والجيران والمعلمين وطبيب الأسرة وما إلى ذلك). وعندما ننتقل إلى بلد جديد، قد نضطر إلى تعلّم لغة جديدة أيضًا. تزيد جميع هذه التغيرات من صعوبة التأقلم مع الوضع الجديد وقد تشعر بأنّك غير قادر على الانسجام بشكل كامل. وقد يبدو هذا جليًا، عندما ننتقل إلى بلد جديد تختلف ثقافته عن ثقافة وطننا!  عندئذ نشعر بأننا مختلفون عن كل من حولنا في مظهرنا وملابسنا وحديثنا. وقد يجد الناس صعوبة في لفظ اسمنا بشكل صحيح أو ربما يعاملوننا بطريقة مختلفة أو ينظرون إلينا كدخلاء. وقد يؤدي هذا أحيانًا إلى استبعادنا أو التنمّر علينا. في حال حدوث هذا الأمر، يرجى الاطلاع على القسم الخاص بالتنمّر لمعرفة كيفية التعامل معه.

بعض الأوضاع قد تنطوي على مخاوف أكبر وشعور أعمق بانعدام اليقين؛ ومع ذلك فإنّ الحاجة إلى ترك المكان الذي نعيش فيه والبدء من جديد قد يؤثر بشكل كبير على حياتنا.

فربما:

  • تفتقد أصدقاءك
  • يتأثّر نومك
  • تقلّ حيويتك
  • تشعر بعدم الرغبة بالنهوض والمشاركة في المدرسة أو الأنشطة
  • تصبح متمردًا أو تقوم بأفعال تخريبية
  • تشعر بسرعة الانفعال أو الغضب
  • تشعر بفقدان الإحساس أو بالحزن أو الإحباط
  • تعاني من القلق

كما ذكرنا، يشكّل الانتقال أمرٌ جلل يصعب التعامل معه، وقد نشعر جميعنا بالذعر في بداية الأمر. ولكن بعد أن نجد مكانًا لنا ستتحسن الأمور بمرور الوقت. وكلما بذلنا جهدًا أكبر في التعامل مع الوضع الجديد، يتحسّن وضعنا أكثر.

فيما يلي أمور تساعدنا على التأقلّم:

  • التعبير عن مشاعرنا لوالدينا أو أشقائنا؛ فبتعاوننا معًا سنتمكن من التأثير على الوضع بشكل إيجابي.
  • تهيئة المكان الجديد ليكون وطنًا لنا: وذلك من خلال مقتنياتنا والأشياء الجديدة التي تحسّن من شعورنا بأننا بخير.
  • مشاركة والدينا في عملية الانتقال؛ فنتحدُث معهما ونخبرهما بما نفضّله ونفكّر معهما بالأمر ونبحث عن حلول معاً. وهذا من شأنه أن يعزز من شعورنا بأنّ هذه تجربتنا الخاصة أيضًا، وليس أمرًا أُكرهنا عليه.
  • البحث عن فرص المشاركة بأنشطة جديدة. إذ يعزز ذلك من فرص الالتقاء بأشخاص يحبون الأشياء التي نحبها، مثل الانضمام إلى فريق لعبة رياضية أو لجنة نشاط ضمن اهتماماتك في المدرسة.
  • الانفتاح والتقبّل وإعطاء المدرسة والزملاء الجدد فرصة. حاول التواصل مع أشخاص جدد؛ فعندما نتعرف إلى أصدقاء جدد يتحسن شعورنا ونسترخي أكثر ونشعر بسعادة أكبر.
  • الحفاظ على التواصل مع الأصدقاء القدامى، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي مثلًا. إن عدم قدرتنا على الالتقاء معًا ثانية لا يعني أننا لم نعد نحتل مكانة مهمة في حياة بعضنا البعض.
  • البحث عن الإيجابيات والأمور التي نشعر بالرضا تجاهها أو الامتنان لوجودها. ينبغي أن نشجّع أنفسنا على التفكير بأشياء جديدة تزيد من سعادتنا أو إبداعاتنا وتتيح لنا التوصل إلى حلول أفضل.
  • وضع روتين يومي جديد، أو ربما برنامجًا مماثلًا لبرنامجنا اليومي القديم.
  • التحلّي بالصبر والتهوين على أنفسنا. إنّ الاعتياد على وضع جديد وأشخاص جدد وبرنامج يومي جديد يستغرق وقتًا. كن على ثقة بأنّ الأمور ستتحسن وأنّ كلّ مرٍّ سيمرّ!

في حال كان الانتقال بالنسبة لنا وضعًا جديدًا ولم نتمكن من تبديد مشاعر الحزن أو القلق أو جعلنا في وضع نشعر به بالاستبعاد ، ينبغي لنا أن نسارع بالتحدّث عن الأمر مع شخص راشد نثق به مثل أحد والدينا أو أحد المعلمين أو مرشد المدرسة. وإذا تعرّضنا للتنمّر، فلا بد أن نتصل بأقرب خط ساخن للمساعدة وطلب الدعم اللازم.

  • التواصل أمر أساسي هنا! حاول التواصل وتكوين صداقات معهم. فأكثر شيء يمكن أن يساعدهم هو وجود أصدقاء وأقران يمكنهم قضاء الوقت برفقتهم والتحدّث معهم. يمكن أن نقف بجانبهم ونهتم بشأنهم ونُشركهم في حياتنا بأي طريقة ممكنة.
  • الدعوة للمشاركة بأنشطة (بأنشطة مختلفة)؛ سواء كانت أنشطة تقام في المدرسة أو حفلات أو ألعاب رياضية أو التسوق أو لعب ألعاب الفيديو عبر الإنترنت. إنّ مجرد دعوتهم للمشاركة ستُشعرهم بأنّهم موضع ترحاب.
  • التحدّث عن قصصنا وتجاربنا. عندما نشاركهم قصصنا وننفتح عليهم، فإننا ندعوهم لفعل ذلك أيضًا. وهذا من شأنه أن يمد حبال الوصال على الفور. كما نريهم بأننا لطفاء ومسالمين، وعندئذ سنجد بأنّ بيننا العديد من الأمور المشتركة.
  • الاستماع إلى قصصهم وتجاربهم دون تشتيت انتباه أو إطلاق أحكام. ومن غير الضروري أن نقدم لهم إجابات أو حلول، ولكن مجرد الاستماع إليهم فعلٌ طيب محمود.